1- مقدمة :
إن درجة مياه البحر السطحية تكون مرتفعة نسبياً بسبب أشعة الشمس، بينما تكون الحرارة في أعماقه منخفضة، هذا الفارق في الحرارة يمكن الاستفادة منه لتوليد الطاقة الكهربائية. لقد استفاد من هذه الظاهرة المهندس الفرنسي George Claude حيث صنع وحدة لتوليد الكهرباء استطاعتها 22 كيلو واط وذلك عام 1929 بالاستفادة من فارق درجات الحرارة بين سطح البحر وبين عمق محدد. ويخبرنا الباحثون أن هذه التقنية لا تزال مكلفة جداً، ولذلك هي غير مستخدمة اليوم بشكل عملي. إلا أن الأبحاث مستمرة في هذا المجال ويمكن إحراز تقدم في السنوات القادمة.
2- تعريفها :
يمكن تعريف طاقة المحيطات بأنها الطاقة التي تعتمد على اختلاف درجات الحرارة ما بين الماء الموجود على سطح المحيط والماء الموجود في العمق للاستفادة من هذا الاختلاف في خدمات مختلفة أهمها توليد الكهرباء. إن هذه العملية تتحقق عندما يكون الاختلاف في درجات الحرارة بين الطبقة العليا الدافئة للمحيط والطبقة السفلى الباردة من 20 إلى 30 درجة مئوية حيث إن هذه الشروط تتوفر في المناطق المدارية. تعتمد هذه المحطات على جلب المياه السفلى من قاع المحيط عن طريق زرع أنبوب ضخم ومرتفع الثمن والذي يغطس إلى حوالي الميل أو أكثر في المحيط .
كما في أي محرك حراري فإن زيادة المردود تتناسب طرداً مع زيادة فروق درجات الحرارة بين المياه السطحية والمياه العميقة . ان هذه الفروق بين درجات الحرارة تزداد مع تناقض خطوط العرض أي كلما اقتربنا من خط الاستواء“عند المناطق المدارية“.
التحديات التقنية التي واجهت انشار طاقة المحيطات الحرارية عبر التاريخ كانت عدم توفر امكانية لتوليد الطاقة بشكل اقتصادي من فروق الحرارة القليل بين الطبقتين العليا والسفلى ,لكن التصميمات الحديثة للمبادلات الحرارية ادت إلى تغير في المردود مما سمح للاداء بالاقتراب من القيمة النظرية العظمى الممكن الحصول عليها.
تتعرض مياه المحيطات للتسخين المستمر من قبل الشمس وهي تشكل نسبة 70% من سطح الكرة الأرضية هذه الفروقات في درجات الحرارة يمكن أن تسخر كمصدر من مصادر الطاقات المتجددة بكثافة تزيد بمرة أو مرتين عن أي طريقة أخرى للاستفادة من طاقة المحيطات كطاقة الامواج مثلاً ولكن أيضاً وبنفس الوقت تشكل فروقات درجات الحرارة القليلة عائقاً كبيراً من حيث التكلفة وذلك بسبب المردود الحراري الضعيف.
ان محطات طاقة البحار والمحيطات الأولية كان لها مردود اجمالي يتراوح بين الـ 1% و 3% ” حيث أن المردود النظري يتراوح بين الـ 6% و الـ 7% ” . التصاميم الحالية لها مرود يقارب المردود النظري الأعظمي.
على الرغم من أن حامل الطاقة والذي هو عبارة عن ماء البحر مجاني إلا أن تكلفة انظمة الضخ تزيد من تكاليف النظام الكلية، وعلى الرغم ايضاً من أن محطات طاقة البحار و المحيطات لها مرود أعظمي منخفض إلا أنها يمكن أن تصمم من أجل تغطية حمل الأساس بشكل مستمر.
لا بد أن يؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد دراسة اقتصادية لهذه المحطات النقاط الثلاثة السابقة وذلك لكي تكون الدراسة صحيحة ومن اجل تقيم الأداء ومردود التشغيل وتكاليف الانشاء والعائدات المادية بشكل صحيح أيضاً.
إن مفهوم المحرك الحراري شائع في هندسة الثيرموداينميك وأغلب الطاقة المستخدمة من قبل الانسان نحصل عليها عن طريق الآلة حرارية. فالألة الحرارية عبارة عن جهاز ثيرموديناميكي يوضع بين منبع حراري ذو درجة حرارة عالية وأخر ذو درجة حرارة منخفضة. عند تدفق هذه الحرارة من أحد المنبعين إلى الأخر يستفيد المحرك الحراري من جزء من الطاقة الحرارية ويحولها إلى عمل. إن هذا المبدأ نفسه هو المبدأ المستخدم في العنفات البخارية وعنفات الاحتراق الداخلي (ولكن البرادات تعمل بالمبدأ المعاكس وهو تحويل العمل إلى حرارة). عوضاً عن استخدام الوقود الأحفوري كمصدر للحرارة فإن محطات طاقة البحار والمحيطات تستثمر فروق درجات الحرارة الناتج عن تسخين الشمس للمياه السطحية كمصدر حراري أساسي.
الدورة الحرارية الوحيدة المناسبة لهذه المحطات هي دورة رانكنين التي تستخدم عنفات ذات ضغط منخفض ويمكن استخدام نظامين إما المفتوح أو المغلق حيث في النظام المفتوح يكون وسيط التشغيل هو ماء البحر من الطبقة السطحية وفي الوسيط المغلق يكون الوسيط (كما هو الحال في البرادات) الأمونيا أو أحد الموائع الأخرى ذات درجات التبخر المنخفضة.
يؤمن بعض خبراء الطاقة بأن هذه التقنية عندما تصبح بأسعار منافسة لمحطات الطاقة التقليدية يمكن أن تنتج طاقة من رتبة الغيغا واط وبربطها مع عملية التحليل الكهربائي للماء يمكنها أن تنتج كميات هائلة من الهيدروجين تكفي لاستبداله بكافة الاستهلاك العالمي من الوقود الأحفوري, لكن ما تزال ادارة الكلفة لهذه المحطات من التحديات الأساسية التي تواجهها. إن كافة هذه المحطات تحتاج إلى أنابيب نقل للمياه ذات قطر كبير والمرتفعة الثمن والتي تمتد بضعة كيلومترات داخل المحيط لسحب المياه الباردة من الأعماق.
3- لمحة تاريخية :
منذ القرن التاسع عشر كانت هناك عدة محاولات من أجل تحسين مردود هذه التقنية . في عام 1881 قام جاكوز ارسينيه دي ارسونفال ” فيزيائي فرنسي ” باقتراح فكرة الاستفادة من فروق الطاقة الحرارية للمحيطات ولكن في حقيقة الأمر كان جورجيس كلاود طالب جاكوز هو من قام ببناء أول محطة طاقة مياه بحار ومحيطات وذلك في كوبا عام 1930 ,حيث ولد هذا النظام طاقة بحدود 22 كيلو واط باستخدام عنفة ضغط منخفض.
في عام 1931 قام نيكولا تسلا بوضع مبدأ اول محطة كبيرة من هذا النوع ولكن رغم حماسه لهذه الفكرة توصل إلى استنتاج أن التقنيات الهندسية المطلوبة لانشاء مثل هذه المحطة لم تكن متوافرة وجعلت تنفيذ المشروع غير عملي من الناحية الاقتصادية.
في عام 1935 قام كلاود بإنشاء محطة أخرى ولكن هذه المرة على سطح سفينة عملاقة “ذات حمولة 10000 طن” ترسو بالقرب من شواطئ البرازيل ولكن الطقس والأمواج دمرا المحطتين قبل أن يتم الانتهاء من انشاؤهما.
في عام 1956 بدء علماء فرنسيون بانشاء محطة باستطاعة 3 ميغا واط لاحدى مدن ساحل العاج ولم يتم اكمال هذه المحطة ابداً وذلك بسبب انخفاض أسعار الوقود الأحفوري التي حصلت في الخمسينات والتي جعلت من محطات الطاقة التقليدية الاستثمار الأمثل. في عام 1962 قام جيمس هلبيرت اندرسون وولده بالبدء بتصميم دورة يمكنها أن تكمل مالم يحققه كلاود . حيث ركزا على أجزاء ذات تصاميم أكثر اقتصادية, وبعد أن عملا على حل بعض المشاكل التي واجهت تصميم كلاود قام باطلاق تصميمهما ” وهو عبارة عن الدارة المغلقة ” في عام 1967.
في عام 1974 بدأت الولايات المتحدة الأمريكية بالابحاث في هذا المجال وذلك عندما تأسس مخبر الطاقة الطبيعية في هاواي على شواطئ كونا. لقد أصبح هذا المختبر من المنشاءات القائدة في مجال أبحاث طاقة البحار والمحيطات وتعتبر هاواي من الموقع ذو المخزون الأكبر في الولايات المتحدة الأمريكية من هذه الطاقة وذلك بسبب مياه المحيطات السطحية الحارة وامكانية الوصول إلى أعماق ذات مياه باردة بالاضافة إلى ارتفاع أسعار الكهرباء فيها.
ومع أن اليابان لا تملك أي مخزون من هذه الطاقة كانت من المساهمين الأساسين في تطوير هذه الطاقة وتصديرها إلى بلدان لها مخزون من هذه الطاقة. وفي عام 1970 انتهت شركة كهرباء طوكيو من انشاء محطة تستخدم الدورة المغلقة وذلك على جزيرة ناورو. هذه المحطة والتي أصبحت جاهزة على العمل في 14-10-1981 انتجت استطاعة بقيمة 120 كيلو واط حيث كان يصرف 90 كيلو واط من أجل تشغيل المحطة وباقي الطاقة المنتجة كان يصرف على مدرسة مجاورة وبعض المنازل حيث كان هذا الرقم القياسي من الاستطاعة المولدة من محطة طاقة حرارة البحار والمحيطات في العالم وهي المحطة الوحيدة التي وصلت بالشبكة العامة وقامت بتغذيتها بالكهرباء في وقتها.
مؤخراً قامت الهند بانشاء محطة طافية “بعيدة عن الشاطئ” باستطاعة 1 ميغا وات بالقرب من تامي نادو وتستمر الحكومة الهندية برعاية ابحاث مختلفة في مجال تطوير منشئات طاقة البحار والمحيطات البعيدة عن الشاطئ.
4- تصنيفها :
4-1- حسب مكان التواجد :
4-1-1 المتوضعة على اليابسة:
يوفر هذا النوع من المحطات ثلاث مميزات مقارنة مع المحطات المركبة بعيداً عن الشاطئ وهي عدم الحاجة إلى أساليب تثبيت صعبة ومعقدة ولا تحتاج إلى خطوط نقل قدرة مكلفة وطويلة بالاضافة إلى ذلك فهي لاتحتاج إلى مواد مقاومة لتحمل الظروف المناخية للمحيط. حيث يمكن أن تتوضع في مأوى خاص يحميها من الطقس وأمواج البحر.
الكهرباء والماء المقطر الناتجان من هذه العملية اضافةً إلى الماء البارد الغني بالمواد العضوية والغذائية يمكن أن ينقلان إلى أماكن مجاورة على اليابسة بواسطة تجهيزات بسيطة. اضافة إلى ذلك فإن انشاء مثل هذه المحطات على اليابسة تتيح الامكانية لهذه بالعمل جنباً إلى جنب مع صناعات ذات صلة قريبة منها مثل المزارع البحرية ” أحواض تربية الأسماك التي تقام على اليابسة ” أو الصناعات التي تحتاج إلى مياه مقطرة.
إن الاماكن المفضلة لانشاء هذه المحطات هي اليابسة ذات الانحدار الضيق مثل الجزر البركانية’ الشواطئ الشديدة الانحدار والتي تتميز أيضاً بقاع بحري أملس. ان هذه الصفات تقلل من الطول المطلوب لأنابيب المياه الباردة إلى أقل ما يمكن. ويمكن الاختيار بين بناء هذه المحطات بعيداً عن الشاطئ ” من أجل حمايتها ” أو بالقرب من الشاطئ من أجل التقليل قدر الامكان من طول الأنابيب وفي الحالتين تبقى التكلفة التشغيلية وتكلفة الصيانة والتشغيل أقل .
السيئة الوحيدة والأساسية لهذه الطريقة تنشأ من تأثير الأمواج القوية في المنطقة الشاطئية. مالم تحمى أنابيب هذه المحطة عن طريق طمرها بخنادق محصنة سوف تكون عرضةً لاجهادات هائلة عند العواصف وأوقات هيجان البحر وأيضاً في بعض الأحيان يتطلب أن يتم نقل المياه الناتجة المتوسطة الحرارة المئات من الأمتار بعيداً عن المحطة لكي تطلق على ارتفاع يتناسب مع حرارتها وحتى لا تأثر على عمل المحطة مما يؤدي إلى الحاجة إلى تكلفة إضافية عند البناء والصيانة.
يمكن لهذه المحطات أن تتفادى بعض المشاكل والتكاليف عند بنائها بالقرب من الساحل في مناطق ذات مياه بعمق يتراوح بين 10 إلى 30 متر. هذه المحطات تستخدم أنابيب سحب وطرح أقصر من المطلوب مما يقلل الطول والتكلفة وأيضاً يقلل من أخطار الأمواج ولكن في هذه الحالة سوف تحتاج المحطة بحد ذاتها إلى حماية من الأمواج والرطوبة والصدأ وأيضاً إلى نقل مخرجات هذه المحطات ” من مياه محلاة ” إلى الشاطئ في حالة الرغبة من الاستفادة منها.
(4-1-1-1) المحطة المبنية في هاواي
4-1-2المبنية على رفوف:
من أجل تفادي مناطق الأمواج العالية والحصول الأسهل على المياه الباردة يمكن أن تبنى هذه المحطات على جزر صناعية موضوعة في مياه ذات عمق 100 متر تقريباً. حيث يمكن بناء مثل هذه الرفوف في مرافئ السفن القريبة ومن ثم يتم جرها إلى المكان المطلوب وتثبيتها بقاع البحر. هذا النوع من المحطات يستخدم مصافي البترول البحرية كقاعدة له. لكن المشاكل التي تواجه هذا النوع من التصاميم والذي يجعلها أقل رغبةً من التصاميم الموضوعة على اليابسة وأكثر كلفة منها هي التركيب الأعقد الذي يجب تصميمه من أجل تحمل ظروف المياه المفتوحة بالاضافة إلى صعوبة نقل المنتجات من هذه المحطات إلى اليابسة بالاضافة إلى البنية التحتية الأعقد و أيضاً لا بد من تصميمها حتى تتحمل التيارات البحرية والأمواج القوية. علاوةً على ذلك فإن هذه الرفوف تحتاج إلى دعمات قوية كي تبقى ثابتة من أجل صحة عمل هذه المحطات أضف إلى ذلك أن نقل الطاقة سيصبح أكثر تكلفة بسبب الكبلات الطويلة التي يجب تمديدها من قاع البحر لتصل إلى اليابسة. لهذه الأسباب فإن هذا النوع من التصاميم هو أقل رغبةً من التصميم السابق في وقتنا الحالي وفي وضعه الحالي.
(4-1-2-1) احدى المحطات المبينة في اليابان
4-1-3 التصميم الطافي:
هذا النوع من التصاميم مصمم كي يمكنه العمل بعيداً عن اليابسة ومع أنه مفضل للاستخدام في استطاعات التوليد الكبيرة فإن هذا التصميم يواجه العديد من الصعوبات.حيث أنه أكثر تعقيداً من ناحية التثبيت في المياه العميقة جداً وبالتالي يواجه صعوبة في نقل الطاقة الكهربائية إلى الشاطئ والجزء من الكبلات القريب من المنصة هو أكثر عرضة للأخطار عند العواصف, أما الجزء العميق من الكبلات يواجه صعوبات في الصيانة و الجزء المتوسط من الكبلات والموجود بين المنصة وقاع البحر يجب أن يبنى حتى أن يتحمل قوى الفتل والشد المطبقة عليه.
وكما في التصاميم المحمولة فأن الألواح الطافية تحتاج إلى منصة ثابتة من أجل عمل هذه المحطة. و العواصف القوية من الممكن أن تدمر أنابيب المياه الباردة وأن تعيق التدفق من خلال أنابيب المياه الساخنة. من أجل تجنب هذه المشكلات يمكن استخدام أنابيب مرنة من البولي اتيلين والتي يمكن أن تثبت إلى قاع المنصة ويمكن أيضاً عند الحاجة فصل الأنابيب عن المنصة عند العواصف من أجل حمايتها من الضرر وكخيار بديل من تركيب أنابيب خاصة من أجل سحب المياه الساخنة يمكن أن يتم سحب هذه المياه مباشرة إلى المنصة عن طريق وضع خزان خاص ولكن يجب في هذه الحالة تحديد موضع الخزان بحذر كي لا تحدث إعاقة أثناء عملية ملئ الخزان العلوي أثناء العواصف وأثناء اهتزاز المنصة عندها.
في حال الرغبة في وصل المحطة إلى كبلات لنقل القدرة يجب أن تكون هذه المحطة ثابتة بشكل مطلق والتثبيت بواسطة المراسي هو شكل مقبول ولكن التقنيات المستخدمة في هذا المجال حالياً لا يمكنها أن تصل إلى عمق أكثر من 2000 متر علماً أن الأعماق الأقل من ذلك تزيد من تكلفة هذه المحطات وقد تجعل المنفعة الاقتصادية لها معدومة.
(4-1-3-1)محطة من النوع الطافي
(4-1-3-2) مخطط مجسم لتجهيزات تقنية OTEC الطافية
(4-1-3-2) مخطط مجسم لتجهيزات تقنية OTEC الطافية
4-2 بناءً على الدورة المستخدمة :
إن ماء البحر البارد هو جزء لا يتجزء من كل نوع من الأنواع السابقة. من أجل العمل فإن الماء البارد يجب أن يسحب إلى السطح ويمكن تحقيق ذلك عن طريق الضخ المباشر أو تحلية المياه القريبة من السطح مما يقلل من كثافتها مما يدفعها إلى السطح عبر الأنابيب. أما الطريقة البديلة فهي عوضاً عن ضخ الماء البارد إلى السطح من أجل تكثيف وسيط التشغيل المتبخر يمكن ضخ وسيط التشغيل المتبخر إلى الأعماق من أجل أن يتكاثف بواسطة الماء البارد مما يقلل من العديد من المشاكل البيئية والتقنية ويخفض التكاليف المادية.
4-2-1 المحطات التي تعتمد على الدورة المغلقة :
الدورة المغلقة تستخدم سوائل بدجة حرارة غليان منخفضة مثل الأمونيا وذلك من أجل تدوير عنفة لتوليد الكهرباء. تضخ مياه البحر السطحية الدافئة من خلال مبادل حراري حيث يتم تبخير الوسيط ويقوم البخار المتمدد بتدوير العنفة وبعدها يضخ ماء البحر العميق البارد إلى مبادل حراري أخر من أجل تكثيف البخار مرة أخرى وتحويله إلى سائل ومن ثم تعاد الدورة من جديد.
(4-2-1-1) المحطات التي تعتمد على الدورة المغلقة
في عام 1979 قام مختبر الطاقة الطبيعية وبعض الجهات الأخرى بتطوير تجربة محطة صغيرة لطاقة البحار والمحيطات والذي حقق أول انتاج للطاقة الكهربائية بواسطة الدورة المغلقة هذه المحطة تم جرها مسافة 2.4 كيلو متر عن شواطئ هاواي وانتجت طاقة كافية لانارة السفينة الحاملة لها بالاضافة لتشغيل الأجهزة الكهربائية على متنها.
وبعدها وفي عام 1999 تم في مختبرات الطاقة الطبيعية تجريب محطة تعتمد على الدورة المغلقة باستطاعة 250 كيلو واط وكانت الأكبر من نوعها وتم وضعها في التشغيل. ومن ذلك الحين لم يتم هناك أي تجريب أخر لطرق جديدة لهذه المحطات في الولايات المتحدة الأمريكية وذلك لعدم توفر المزيد من الدعم و التمويل لهذا المجال من الأبحاث.
4-2-2المحطاتالتيتعتمدعلىالدورةالمفتوحة:
المحطات التي تعتمد على الدورة المفتوحة تعتمد على مياه المحيط السطحية من أجل توليد الطاقة فعند توضع هذه المياه الدافئة في وعاء ذو ضغط منخفض ستغلي بسرعة والبخار الناتج من عملية الغليان يدير عنفة تعمل بالضغط المنخفض ومربوطة إلى منوبة والبخار الناتج من هذه العملية يكون قد تخلى عن الأملاح والشوائب الأخرى الموجودة فيه ويصبح عبارة عن ماء مقطر نقي ومن بعدها يمرر هذا البخار على مبادل حراري يمرر فيه ماء المحيط العميق البارد فيتكاثف. إن لهذه الطريقة ميزة انتاج الماء المقطر الصالح للشرب أو الري مباشرة.
في عام 1984 قام معهد أبحاث الطاقة الشمسية والذي يدعى اليوم ” مختبر الطاقة المتجددة الوطني” بتطوير ما يدعى المبخر العامودي وذلك لتحويل ماء البحر الدافئ إلى بخار في المحطات التي تستخدم الدورة المفتوحة وقد كان مردود الطاقة لهذه الطريقة من التبخير 97% (ولكن مردود المحطات التي تستخدم هذا العملية منخفض). في أيار عام 1993 قامت محطة تعتمد على الدورة المغلقة في هاواي بانتاج 50 كيلو واط أثناء عملية تجريبها وهذا الرقم كان قد فاق أقصى رقم استطاعة تم انتاجه باليابان في عام 1982.
4-2-3 المحطات التي تعتمد على الدورة الهجينة:
لهذه المحطات مميزات كلا النوعين السابقين من المحطات ” المغلقة و المفتوحة ” ففي هذه المحطات يدخل الماء الدافئ حجرة ذات ضغط منخفض حيث يتبخر هناك مثل العملية في المحطات ذات الدورة المفتوحة ومن ثم يقوم هذا البخار بتبخير مائع التشغيل لدورة مغلقة حيث يدوّر مائع التشغيل المتبخر عنفة لانتاج الكهرباء والبخار الناتج عن الماء الدافئ يتكاثف في مبادل حراري ونحصل على ماء مقطر.
الطاقة الناتجة من المحطة يمكن أن تحقن في الشبكة العامة مباشرة أو أن تستخدم في انتاج الميثانول أو الهيدروجين أو الأمونيا أيضاً ومنتجات أخرى مشابهة.
5- منافع أخرى لهذه المحطات :
لهذه المحطات منافع أخرى بالاضافة إلى توليد الطاقة ومنها:
5-1 تكيف الهواء:
إن الماء البارد المسحوب من قاع المحيط وذو الدرجة 5 مئوية يمكن أن يتم استخدامه كماء للتبريد أيضاً في المنشئات المجاورة للمحطة والتي تحتاج ماءً للتبريد من أجل العمل. ويمكن أيضاً استخدام هذا الماء في أجهزة التكييف للأبنية.
اذا تم استخدام أنابيب بقطر 0.3 متر فيمكن لهذا الأنبوب نقل 0.05 متر مكعب بالثانية من المياه واذا كانت درجة حرارة هذه المياه 6 درجات مئوية فإن هذا الأنبوب ممكن أن يسد حاجة بناء كبير من المياه من أجل التكييف فإذا عمل هذا النظام لمدة 8000 ساعة في السنة وكان سعرالكيلو واط الساعي يتراوح بين الـ 5 و الـ 10 سنت أميركي لكان هذا النظام قد وفر ما يتراوح بين الـ 200,000 و الـ 400,000 دولار سنوياً من أجل تبريد المياه للتكييف.
على جزيرة بورا بورا الفرنسية يتم استخدام هذه المحطات لتكييف الأبنية على هذه الجزيرة ويتم تحقيق ذلك عن طريق تمرير ماء المحيط البارد من خلال مبادل حراري يقوم بتبريد مياه عذبة في دورة مغلقة ومن ثم يتم نقل هذه المياه المبردة إلى المباني من أجل التبريد مباشرةً.
5-2 الزراعة في التربة الباردة :
أن هذه المحطات تدعم أيضاً الزراعة في التربة الباردة. حيث عندما يتم ضخ مياه البحر الباردة من خلال شبكة من الأنابيب تحت الأرض تقوم هذه المياه بتبريد التربة المحيطة. إن هذا الفرق بين درجات الحرارة بين جذر النبات الموضوع في التربة الباردة وبين درجة حرارة الأوراق المتواجدة في درجة الوسط يسمح للعديد من النباتات التي تنمو في أوساط معتدلة من النمو في المناطق شبه الاستوائية. وقد أوضحت العديد من الأبحاث التي جرت في مخبر بحوث الطاقة الوطنية في هاواي أنه يمكن زراعة أكثر من 100 نوع من الفواكه المختلفة والخضراوات بوسطة هذه الطريقة والعديد من هذه النباتات لا يمكنها العيش في مناخ هاواي بشكل طبيعي.
5-3 المستعمرات البحرية الصناعية :
تعتبر هذه المستعمرات من أبرز المساهمات الثانوية لهذه المحطات وهي من أهم الطرق التي تختصر تكلفة ضخ مياه البحر العميقة إلى الخزانات. حيث تحتوي مياه البحر العميقة على أغذية بتراكيز عالية والتي لا تتواجد في المياه السطحية من البحار بسبب الاستهلاك الدائم لها من قبل الأسماك. إن المياه العميقة الباردة توفر الطعام الأمثل لأسماك مثل السلمون وسلطعون البحر. عند ضخ هذه المياه إلى أحواض خاصة يمكن تربية هذه الكائنات في هذه الأحواض ويمكن ايضاً مزجها بالمياه السطحية الدافئة من أجل تعديل حرارة هذه الأحواض. إن مثل هذه الكائنات لا تعيش في مياه المناطق الاستوائية ويمكن من أيضاً الاستفادة من المياه الباردة من أجل حفظ هذه الكائنات من التحلل.
5-4 تحلية ماء البحر:
يمكن الحصول على الماء المقطر عن طريق المحطات التي تستخدم الدورة المفتوحة أو الهجينة وذلك عبراستخدام مكثف يوضع على السطح. في المكثفات السطحية يتكاثف البخار بواسطة تماس غير مباشر مع الماء البارد. والماء الناتج يكون خالي من الملوثات وصالح للاستهلاك المباشر سواءً للشرب أو للزراعة في المناطق التي تحتاج إلى المياه العذبة.حيث بينت الدراسات أن محطة باستطاعة 2 ميغا واط يمكنها أن تنتج يومياً 4300 متر مكعب من الماء المقطر.ويعتبر استخدام الدارة الهجينة من أجل الحصول على الماء هو أفضل من الدارة المفتوحة وذلك لأن حجم المكثف المطلوب يكون أصغر.
(5-4-1+2) الاستفادة من الماء البارد المسحوب من المحيط قبل استخدامه النهائي في المحطة
5-5 انتاج الهيدروجين:
يمكن انتاج الهيدروجين بواسطة التحليل الكهربائي باستخدام الكهرباء المتولدة من المحطة والبخار المتولد منها يمكن استخدامه كوسط نقي للتحليل الكهربائي وذلك باضافة مادة محفزة “وسيط” من أجل زيادة المردود. من الممكن أن تصمم هذه المحطات من أجل انتاج الهيدروجين بكميات كبيرة لسد حاجات السوق النامي في هذا المجال. حيث تولد هذه المحطات المقامة على الجزر أو المنصات أو البوارج أو السفن هيدروجيناً بكميات كبيرة وهو قابل للنقل بواسطة ناقلات الهيدروجين البحرية.حيث ان هذه هي الطريقة المستخدمة في نقل الهيدروجين إلى مركز كينيدي للفضاء في وكالة ناسا. التحديات الأساسية تشمل كلفة الانتاج والنقل والتوزيع وذلك مقارنة مع انواع الوقود الأخرى. مع الأخذ بعين الاعتبار ارتفاع أسعار أنواع الوقود الأخرى من الوقود الأحفوري فإن هذه التكلفة يمكن التغاضي عنها في المستقبل القريب.
5-6 استخراج المعادن :
هناك مجال أخر للاستفادة من هذه المحطات وهو استخراج المعادن المنحلة في الماء العميق للميحط. حيث هناك ما يزيد عن الـ 57 عنصر منحل في المياه العميقة. قديماً كان استخراج هذه المعادن من المحيط لا يحقق أية أرباح بسبب الطاقة اللازمة لضخ المياه العميقة إلى الأعلى والسبب الأخر هو التكلفة الهائلة المطلوبة لفصل المعادن عن ماء البحر. وبشكل عام فإن هذه التقنية تستخدم عادة لأستخراج للمعادن المتوافرة بكثرة في الماء والتي يمكن استخلاصها بسهولة مثل الماغنيزيوم.
ولكن ومع تواجد محطات طاقة البحار والمحيطات وتوفيرها للماء البارد من الأعماق فإن تكلفة الضخ تستثنى من العملية ويبقى تكلفة الاستخلاص. لقد بدء اليابانيون بأبحاث حول استخراج اليورانيم من مياه البحر باستخدام طاقة الأمواج وقد احرزو بعض التقدم في الدمج بين استخلاص المعادن من المحيطات وتسخير طاقة البحار والمحيطات في هذه العملية.
6- بعض المشاريع المقترحة :
تضمنت هذه المشاريع محطة للبحرية الأمريكية على جزيرة ديغو غارسيا في المحيط الهندي وتعمل شركة OCEES العالمية بالتعاون مع البحرية الأمريكية على انشاء هذه المحطة التي ستولد طاقة 13 ميغا واط والتي ستستبدل عنفات الديزيل الموجودة حالياً وستقوم هذه المحطة أيضاً يتأمين 1.25 مليون غالون من الماء الصالح للشرب يومياً لهذه القاعدة. وقد قدمت شركة أخرى عرضاً لبناء محطة أخرى باستطاعة 10 ميغا واط في غوام. كما أن أحدى الشركات الأخرى قد انتهت من تصميم محطة باستطاعة 10 ميغا واط من نمط الدورة المغلقة والتي سوف توضع في الخدمة في عام 2013 وقد تم تصميم هذا النظام على أساس امكانية توليده لاستطاعة 100 ميغا واط ويسصبح كمحطة تجارية في المستقبل القريب.
7- الدواعي السياسية:
بما أن أغلب هذه المحطات ثابتة على منصات حاملة فإن مكان انشائها وحالتها ممكن أن تتأثر بواسطة اتفاقية الأمم المتحدة لقانون للبحار والتي هي UNCLOS والتي تشكل عائقاً أمام انشاء هذه المحطات ومنشأت أخرى مشابهة حيث تعتبر جزر صناعية بناءً على هذه الاتفاقية ويمكن أن تشكل هذه المحطات عائقاً أمام الصيد البحري وأعمال التنقيب عن المعادن في قاع المحيط.
8- التكاليف والاقتصادية :
لكي تصبح هذه المحطات قابلة للتطبيق كمصدر أساسي للطاقة عالمياً يجب أن تنال هذه المحطات معونات حكومية وتشجيع مثل مصارد الطاقة المنافسة. وبما أن هذه المحطات ليست منتشرة على نطاق تجاري واسع بعد فإن تقديرات التكلفة ليست مأكدة بعد.
إحدى الدراسات التقديرة بينت التكاليف بقيمة 0.07 دولار أميركي للكيلو واط الساعي مقارنة مع محطات الريحية الحاصلة على الدعم من قبل الحكومة والتي تكلف 0.05 إلى 0.07 دولار أمريكي للكيلو واط الساعي.
العوامل التي تعود بالنفع والتي تحققها هذه المحطات هي أنها مصدر متجدد من الطاقة وليس له أي مخلفات والأماكن التي تتوافر فيها هذه الطاقة كبيرة بالاضافة إلى المشاكل الاقتصادية والسياسية الواقعة بسبب الوقود الأحفوري وتطور مصادر أخرى من طاقة البحار والمحيطات مثل طاقة الأمواج وامكانية ربط هذه المحطات مع نظم أخرى كالنظم الشمسية والمنتجات الثانوية التي يمكن عن طريقها الاستفادة من هذه المحطات من انتاج الهيدروجين والزراعة في التربة الباردة وغيرها من الفوائد السابقة الذكر.
9- وسائط التشغيل :
على مر العقود تم اقتراح العديد من وسائط التشغيل المختلفة لاستخدامها في محطات الدورة المغلقة ومن أبرزها هو الأمونيا والذي له خواص نقل فائقة ومتوفر بكثرة وتكلفته قليلة, ولكنه أيضاً سام وقابل للاشتعال. مركبات الفلور الكربونية تمثل خيار أفضل لولا أنها لم تكن نساهم في توسيع ثقب الأوزون. الهيدروكربونات هي من المرشحين الأقوياء ولكنها تشتعل بسرعة هائلة بالاضافة إلى تفضيل استخدامها كوقود بشكل مباشر. إن حجم المنشأة يعتمد بشكل كبير على ضغط الوسيط المتبخر.
ولوسائط تشغيل ذات ضغط عالي فإن حجم العنفة والمبادل الحراري ينقصان بينما الجدران لكلا من الأنابيب والمبادل يجب ان تكون أسمك من أجل تحمل الضغط العالي.
10- الصعوبات التقنية:
10-1 انخفاض أداء المبادل الحراري بفعل الغازات المنحلة:
أحدى القضايا المهمة المرتبطة بدورة كلاود هي أداء المبادلات الحرارية. العديد من دورات كلاود البدائية استخدمت مبادلات حرارية سطحية لان أدائها كان جيداً ومبدأ عملها سهل وواضح. ولكن المبادلات الحرارية ذات التماس المباشر لها سيئة أساسية وذلك أنه عند دخول ماء التبريد في أنابيب السحب ينخفض الضغط إلى قيمة تجعل الغاز يتكاثف من جديد واذا خرجت كمية محددة من الغاز من المحلول فان وضع مصيدة للغاز المنحل قبل المبادل ممكن أن يحل الأزمة. محاكاة تجريبية بينت أنه في أنبوب سحب الماء الدافئ هناك 30% من الغازات المنحلة تتكاثف على علو 8.5 متر من الأنبوب.
10-2 انخفاض أداء المبادل الحراري بسبب الملوثات المايكروية:
بما أن الماء الداخل إلى المبادل الحراري يحوي على العديد من الشوائب وبسبب توضع جزيئات ميكروية على سطح المبادل على شكل طبقات بسماكة من 25 إلى الـ 50 ميكرو متر فإن هذا من الممكن أن يقلل من كفاءة المبادل الحراري بنسبة 50% وذلك بسبب اعاقته لمرور جزيئات الماء.
(10-2-1) بعض أشكال المكثفات
10-3 الاغلاق غير المحكم :
إن كل من المبخر والعنفة والمكثف يعمل في ضغط تخلية يتراوح بين الـ 3% إلى 1% ضغط جوي وهذا له عدد من الاعتبارت العملية. أولاً يحب أن يقفل النظام بحذر حتى نمنع تسريب الهواء الجوي إلى الداخل والذي من الممكن أن يعيق عمل المحطة ويؤدي إلى توقفها بشكل كلي وثانياً الحجم النوعي للبخار ذو الضغط المنخفض كبير جداً مقارنةً مع ذلك للوسيط المضغوط في حالة الدورة المغلقة هذا يعني أن التجهيزات يجب أن تحوي على مساحات تدفق أكبر للتأكد من عدم وصول سرعة البخار إلى قيم عالية جداً.
10-4 استهلاك الطاقة غير المرغوب به من قبل مضخة الطرد :
نحتاج الى كمية من الطاقة لتدوير مضخة من اجل طرد الماء بعد الانتهاء من العملية.
11- المعوقات:
أهم المعوقات التي تعترض إنشاء محطة طاقة تعتمد على التدرج الحراري هي :
1- مردود منخفض بالمقارنة مع مردود المحطة التقليدية وذلك لأن الفرق في درجات الحرارة صغير جداَ.
2- على المنشأة أن تقاوم التآكل الشديد الذي تولده مياه البحر وينبغي استعمال مواد مقاومة للصدأ والتآكل مما يزيد من كلفة التأسيس .
3- على المنشأة أن تقاوم الأعاصير عند بنائها بعيدة عن الشاطئ ويمكن بناؤها في البر إلا أن ذلك يزيد من كلفتها .
12- المراجع:
1- http://en.wikipedia.org/wiki/Ocean_thermal_energy_conversion
2- http://www.green-trust.org/otec.htm