تُعدُّ الرياح مصدر الطاقة الذي يشهد النمو الاسرع في العالم، حيث يتم توليد الكهرباء وفق تقنية بسيطة أكثر مما توحي. فخلف الأبراج الطويلة الرفيعة والشفرات التي تدور بشكل متواصل ومطرد، يكمن تفاعل مركب من المواد الخفيفة الوزن ذات التصميم الانسيابي وإلكترونيات ومعالجات التحكم والمراقبة وذلك للحصول على طاقة كهربائية ذات وثوقية عالية مجانية ونظيفة.
ومما لاشك فيه أنّ هذا القطاع من الطاقة استطاع خلال العقدين الماضيين أن يطور منتجات العنفات الريحية للحصول على عنفات بإمكانها أن تُتنتج 5 ميغا واط من الكهرباء وذلك عند سرعة الرياح الاسمية, فقد أصبح بمقدور مزارع الرياح اليوم أن تُقدّم طاقة صرفة تعادل طاقة المحطات التقليدية لتشكل بذلك مصدراً جديداً و مُتجدداً للطاقة يعمل على سد احتياجات الطلب على الطاقة المتزايدة يوماً بعد يوم مع استمرار عجلة التطور والتكنولوجيا.
مصدر طاقة الرياح
تُعتبر طاقة الرياح شكل من أشكال الطاقة الشمسية, حيث تتشكل الرياح نتيجة عدة عوامل:
– التوزيع الغير متساوٍ للحرارة الشمسية في الغلاف الجوي
– الاختلاف في ارتفاع التضاريس على سطح الأرض
– دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس
ويتم توليد الطاقة الكهربائية بتوجيه العنفات الريحية نحو الرياح وبالتالي ستعمل على استخلاص طاقة الرياح الحركية وتحويلها إلى كهرباء.ولكن كيف يتم ذلك:
تصطدم الرياح بهذه العنفات فتتحول طاقتها الحركية إلى طاقة ميكانيكية دورانية تعمل على تدوير شفرات العنفة, وتقود العنفة الريحية مولداً كهربائياً إما عن طريق الربط المباشر معه أو عبر استخدام علبة السرعة وبتقديم الطاقة الميكانيكية الدورانية للمولد يقوم هو بدوره بتحويلها إلى طاقة كهربائية.
ولتقريب المثال أكثر فمثلاً مروحة التهوية العادية : نقوم نحن بإمدادها بالكهرباء وذلك للحصول على طاقة دورانية ميكانيكية تعمل على تدوير الهواء أما في العنفة الريحية فالأمر معاكس حيث نقوم بتعريضها للرياح للحصول على الطاقة الميكانيكية التي ستمدنا بالكهرباء .
أنواع العنفات الريحية
يتم تصنيف العنفات الريحية الحديثة وفق تصميمن رئيسيين
1- عنفات ذات المحور العمودي Vertical axis wind turbine مثل عنفة داريوس نسبةً لمخترعها الفرنسي . ولكن مثل هذا النوع من العنفات لم يلقَ الرواج والانتشار الذي حققته العنفات ثلاثة الشفرة الأفقية المحور.
2- عنفات ذات المحور الأفقي horizontal axis wind turbine وهي حالياً تُستخدم بشكل أوسع وأكبر ومعظم المزارع الريحية المُقامة حالياً تستخدم هذا التصميم من العنفات حيث أنه أثبت جدارته من الناحية الميكانيكية والكهربائية بشكل أفضل من التصميم العمودي خاصةً العنفات الثلاثية الشفرة صاحبة الانتشار الأوسع .
الأجزاء الرئيسية للعنفة الريحية ذات المحور الأفقي
1- الدوار Rotor : ويشتمل على الصرة Hub التي لها شكل الأنف في مقدمة العنفة الريحية , وعلى الشفرات وهذا الجزء هو المسؤول عن تحويل طاقة الرياح الحركية إلى طاقة دورانية.
2- القمرة Nacelle : وهي تحتوي على العديد من الأجزاء من أهمها المولد وعلبة السرعة (إن وُجدت) . وقد تحتوي على محولة لرفع الجهد حسب تصميم الشركة المصنّعة و العديد من المتحكمات التي تراقب أداء العنفة خلال عملها. ويتوضّع على سطحها جهاز قياس سرعة الرياح anemometer وجهاز تحديد اتجاهها ,والعديد من الحساسات التي توفر بيانات متواصلة لأجهزة المراقبة مثل حساسات الضغط ودرجة الحرارة . إضافةً لوجود ضوء لإنذار الطائرات وذلك للعنفات ذات الأطوال المرتفعة.
3- البرج Tower: وهو الجزء الذي يؤمن الدعامة الأساسية للعنفة ويتحمل الاهتزازات الميكانيكية الناتجة عن الأجزاء الدوارة في العنفة الريحية.
المزرعة الريحية:
تُجمع الطاقة الناتجة عن عنفة ريحية واحدة مع الطاقة الناتجة عن العنفات الأخرى ليتشكل بذلك محطة ريحية أو ما يُسمى بالمزرعة الريحية wind Farm, وتقوم هذه المزرعة الريحية بتغذية الشبكة العامة وذلك عبر ربطها بالكترونيات القدرة المُلائمة لتحقيق التزامن مع الشبكة.
استطاعة العنفة الريحية :
تتوافر العنفات الريحية بأحجام مختلفة وبأقطار مختلفة للدوار, وبالتالي باستطاعات مختلفة. حيث تم مؤخراً انشاء عنفات ريحية تعدُّ الأكبر من نوعها بحيث تقوم شفراتها بمسح منطقة تقارب مساحة ملعب كرة القدم, وذات ارتفاع يصل إلى 20 طابق وتنتج من الكهرباء ما يكفي لتغذية 1400 منزل . ويتواجد أيضاً العنفات الريحية ذات الاستطاعات الصغيرة حوالي 50 كيلو واط أو أقل وهي تُستخدم لتغذية المنزل بشكل مستقل عن الشبكة أو لضخ المياه.
ولكن العنفة الريحية الأكبر التي تم تسجيلها في العالم حتى الآن هي عنفة تم تصنيعها من قبل شركة إنركون الألمانية E126 , حيث تبلغ الاستطاعة الناتجة عن هذه العنفة حوالي 6 ميغاواط مع احتمالية أن تصل انتاجيتها إلى 7 ميغا واط وهو ما يكفي لتغذية 5000عائلة بالطاقة. وقد تم تركيب هذه العنفة في مدينة إيمدن الألمانية وما تزال قيد الاختبار.
طاقة الرياح ما لها وما عليها
إن من أهم إيجابيات توليد الطاقة باستخدام الطاقة الريحية هو أنها :
– طاقة نظيفة لا ينتج عنها أي انبعاثات خصوصاً بعد أزمة التلوث التي يشهدها العالم نتيجة إطلاق آلاف الأطنان من الانبعاثات الغازية التي يُعتقد أنها المسبب الأساسي وراء التغيرات المُناخية التي يشهدها العالم مؤخّراً.
– طاقة متجددة غير قابلة للنضوب خصوصاً مع أزمة الطاقة التي يشهدها العالم والتنبؤات بنضوب النفط مع حلول عام 2050.
– كلفة الطاقة : صحيح أن الكلفة الابتدائية لإنشاء محطة ريحية هو أكبر من الكلفة التي نحتاجها لبناء محطة تقليدية لها نفس الاستطاعة ولكنها من أكثر مصادر الطاقة مُنافسةً على المدى البعيد حيث أننا لانحتاج لشراء الوقود , كما أن مصاريف تشغيلها منخفضة جداً وماتزال كلفة توليد الطاقة من الرياح تنخفض مع التطور والانتشار الذي يشهده هذا القطاع .
ولكن لايخلو الأمر من وجود التحديات التي تواجه مثل هذا المصدر من الطاقة مثل :
– التأثير على البيئة: صحيح أن هذا المصدر من الطاقة لا يُنتج انبعاثات غازية ولكن ذلك لا يمنع من وجود تأثير له على البيئة مثل الضجيج السمعي الناتج عن دوران الشفرات, وما يُسمى بالتلوث البصريvisual impact حيث يعتبر البعض أن للعنفات الريحية منظر غير مُريح كذلك تأثيرها على مسار الطيور المهاجرة واصطدام الطيور بريش العنفة , ولكن باختيار الموقع الأمثل للمزرعة الريحية يمكن من خلاله خفض هذه التأثيرات السلبية.
– إن التحدي الأهم الذي يواجه طاقة الرياح هو عدم استمرارية هبوب الرياح وبالتالي فهي طاقة متقطعة تعتمد على التنبؤات المُناخية , وبالتالي مثل هذه المحطات لايمكن التحكم في مقدار الطاقة التي يمكن أن تقدمها وذلك في فترات زيادة الطلب على الطاقة كما هو الحال في المحطات التقليدية حيث يتم التحكم بتشغيل المحطة في حال دعت الحاجة إلى ذلك , لذلك لايمكن لطاقة الرياح أن تحل محل الطاقة التقليدية ولكن يمكنها أن تعمل بشكل متكامل مع الطاقة التقليدية مما يؤمن مصدر جديد للطاقة ويخفف من الطلب على الوقود ومن كمية الغازات المُنبعثة.
– تواجد المواقع ذات سرعات رياح جيدة في مناطق بعيدة عن أماكن الطلب الأعظمي للطاقة مثل المدن مما يزيد من تكاليف إنشاء المحطة الريحية.
ولكن وبالرغم من هذه التحديات التي تواجه قطاع الرياح إلا أنه استطاع أن يثبت قوته في المنافسة خصوصاً بعد التطويرات والتحسينات على العنفات الريحية التي قامت بها كبرى الشركات في الدانمارك وإسبانيا وألمانيا , مما دفع بمعظم الدول المتطورة لوضع خطط استراتيجية لتوليد الطاقة الكهربائية من مصادر ريحية خصوصاً مع زيادة الطلب على الطاقة التي يشهدها العالم أجمعه.
شكرا جزيلا على المعلومات المفيده وصياغة الكلام مفهومه والتوضيح جيد عاشت الايادي
برافو يا هندسة.
على فكرة يا باشمهندسة المعلومات المشورة قيمة ولكن أريد منك التركيز مستقبلاً على دراسة power quality assessment والمتربطة بالظواهر المصاحبة لربط توربينات الرياح بالشبكة لأن تخصصك يخدم هذا المجال فهو مفيد لكل من يعمل فى هذا المجال حيث قمنا بإجراء تلك الدراسة بمزرعة الرياح بمنطقة الزعفرانة جنوب القاهرة ( قدرة حوالى 550 ميا وات) وشكراً على المعلومات مع التمنيات بدوام التقدم والرقى.
مهندس/ السيد منصور- بكالوريوس هندسة القوى الكهربية- جامعة الاسكندرية 1992 ومدير موقع طاقة الرياح بجبل الزيت.