الطاقة الجوفية الأرضية Geothermal Energy:
تعاني مصادر الطاقة التي تمدنا بالقدرة اللازمة لتشغيل تجهيزاتنا من النقص الحاد – وفقاً لدراسات واسعة قام بها العلماء – وهي مقتربة بشكل كبير من النضوب وذلك خلال ال 40 عام المقبلة , مما جعل العلماء في حالة سباق مع الزمن في سبيل الوصول إلى مصادر بديلة تحل محل الوقود التقليدي في تأمين متطلبات البشرية من الطاقة .
هناك في أعماق الأرض يكمن مصدر هام للطاقة حيث يتوفر الماء الساخن والبخار حيث يتم استخدامهما لأغراض التدفئة ومصدر نظيف وذو كفاءة جيدة لتوليد الكهرباء, يسمى الطاقة الجوفية الأرضية Geothermal energy.
إن كلمة geothermal من أصل يوناني وهي تعني الأرض Geo = Earth = وأما معنى Thermal = heat أي التسخين وبالتالي فإن معناها التسخين أو الحرارة من باطن الأرض, يتم الاستفادة من هذه الطاقة لتلبية حاجات البشرية من الطاقة المتزايدة يوماً بعد يوم .
تحتوي الأرض في باطنها على فرن ذو درجة حرارة هائلة من الممكن أن تصل إلى 4200 درجة مئوية جزء من هذه الحرارة يعود إلى مرحلة تشكل الأرض, والجزء الأخر ناتج عن النشاط الإشعاعي للمواد المشعة في باطن الأرض.
تتألف الأرض من عدة طبقات وهي من الداخل للخارج :
1- تتألف نواة الأرض من طبقتين:
الداخلية عبارة عن نواة حديدية صلبة والخارجية تتألف من صخور منصهرة ذات حرارة هائلة تدعى الماغما
2- تحيط بالنواة طبقة من الماغما والصخور الصلبة وتقارب ثخانتها 2900 كم .
3- القشرة الخارجية التي تشكل اليابسة وقعر البحار والمحيطات وتتراوح ثخانتها من 5- 8 كم تحت البحار والمحيطات ومن 25- 56 كم عند اليابسة .
يوجد عند القشرة الأرضية عدة شقوق وتصدعات تسمح للماغما بالوصول إلى السطح وتلك هي مناطق تشكل البراكين , لذلك فإن الصخور والمياه في اعماق الأرض تمتص حرارة الماغما وتزداد الحرارة الممتصة أكثر فأكثر كلما زاد العمق نحو طبقات الأرض السفلى, لذلك فإنه بإمكاننا الحصول على الطاقة من جوف الأرض من خلال حفر الأبار العميقة وضخ المياه الحارة أو البخار نحو سطح الأرض, بالإضافة إلى أنه من الممكن الاستفادة من الحرارة المستقرة القريبة من السطح في عملية تدفئة أو تبريد المباني .
تاريخ الطاقة الجوفية الأرضية :
يعود تاريخ إقامة أول محطة لتوليد الكهرباء تعمل بتقنية الجيوثرمال إلى عام 1904 حيث استخدم البخار لتوليد الكهرباء , وكان يُنظر لهذا النوع من الطاقة على أنه طاقة المستقبل .
وفي عام 1922 تم إنشاء أول محطة قدرة في الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تقنية الجيوثرمال وباستطاعة 250 كيلو واط, وتم الاستفادة من هذه الطاقة في إنارة الشوارع والمباني في المنطقة , ولكن هذه المحطة لم تدم طويلاً بسبب قلة إنتاجيتها في ذلك الوقت مقارنة مع أنواع المحطات الأخرى.
وخلال فترة الستينات تم تحقيق تطور هائل في هذا المجال وتم إقامة أول محطة ذات استطاعة جيدة من باطن الأرض باستطاعة 11 ميغا واط واعتبر ذلك قفزة عملاقة في مجال توليد الكهرباء من باطن الأرض تبشر بمستقبل جيد لمثل هذا النوع من مصادر الطاقة. وبعد إقامة هذه المحطة بدأت المنظمات والقطاعات الحكومية في بعض الدول تتنبه لمثل هذا النوع من الطاقة لتبدأ بذلك سلسلة استثمارات في هذا المجال, فاليوم في الولايات المتحدة لوحدها يوجد أكثر من 60 محطة تعمل بمصدر طاقة الأرض , ويتم توليد أكثر من 7500 ميغا واط من الكهرباء في العالم تولد الولايات المتحدة الأمريكية وحدها 2700 ميغا واط منها .
أهم مصادر الطاقة الجوفية الأرضية:
إن المناطق الواقعة بالقرب من الحزام الناري Ring Fire- حيث يزداد النشاط البركاني- الذي يحيط بالمحيط الهادي, تُعتبر من أهم المناطق المرشحة لإقامة محطات تعمل على حرارة باطن الارض حيث تتميز طبقاتها العميقة بدرجات حرارة أعلى بكثير من مناطق اخرى وذلك بسبب اقتراب مادة الماغما من السطح .
الاستفادة من الطاقة الجوفية الأرضية:
بعض تطبيقات الطاقة الجوفية تستخدم حرارة الأرض القريبة من السطح بشكل مباشر, بينما تتطلب تطبيقات أخرى حفر عدة أميال في العمق من أجل الحصول على الحرارة المطلوبة, وإن الاستخدامات الرئيسسة الثلاث للطاقة الجوفية الأرضية هي:
الاستخدام المُباشر للحرارة تستفيد من خزانات المياه الساخنة الواقعة بالقرب من سطح الأرض.
إنشاء محطات قدرة كهربائية: يتطلب إنتاج الكهرباء الحصول على مياه ساخنة أو بخار بدرجة حرارة عالية من 150 إلى 400 درجة مئوية , لذلك يتم إقامة محطات الكهرباء التي تعمل بتقنية الحرارة من باطن الأرض بالقرب من أماكن توافر خزانات الحرارة الجوفية وذلك بعمق 2 إلى 3.5 كم تحت سطح الأرض.
مضخات الحرارة الأرضية : تعتمد على درجة الحرارة المستقرة للصخور أو المياه المتواجدة بالقرب من سطح الأرض وذلك لاستخدامها في تدفئة المباني .
ويتم الاستفادة بشكل مباشر من الحرارة الجوفية الأرضية في بعض التطبيقات الصناعية مثل تجفيف الغذاء مثل تجفيف منتجات الفاكهة والخضار وبسترة الحليب, وله استخدامات في مناجم الذهب ………….إلخ
أنواع المحطات التي تعمل على توليد الكهرباء من الطاقة الجوفية الأرضية :
يوجد ثلاثة أنواع رئيسية لمحطات القدرة التي تعمل على هذه التقنية :
محطات تعمل بتقنية البخار الجاف Dry steam plants: يتم فيها ضخ البخار بشكل مباشر عبر أنابيب من خزان حراري في جوف الأرض حيث يُستفاد منه في تشغيل العنفات التي تقود مولداً يعطي الكهرباء, المصنع الأول تمّ بناؤه في توسكاني في أيطاليا حيث كان البخارالساخن يتفجر من الأرض فقاموا بالاستفادة منه في توليد الكهرباء وذلك في عام 1904.
البخار المنفجر من أعماق الأرض
محطات تعمل بتقنية تحويل الماء إلى بخار Flash steam plants: يتم ضخ الماء إلى طبقات الأرض السفلية للحصول على البخار ذو الضغط والحرارة العالية ليتم تدوير عنفات المولدات , وبعد أن يبرد البخار يتكاثف متحولاً إلى ماء ليُعاد ضخه إلى باطن الأرض من جديد, معظم مصانع الطاقة الجوفية تعمل على هذا المبدأ.
مصنع يعمل على مبدأ flash steam في كاليفورنيا
-
محطات ثنائية الدورة Binary cycle power plants: وهي تستفيد من حرارة المياه المستخرجة من باطن الأرض لتعمل على تسخين سائل آخر يتحول بدوره إلى بخار ليتم فيما بعد استخدامه في تدوير عنفات التوليد .
محطة تعمل بتقنية ثنائية الدورة باستطاعة 10 ميغا واط في كاليفورنيا – أميركا