تاريخ خلايا الوقود
تم اختراع تقنية خلايا الوقود في انجلترا في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي على يد السيد وليام روبرت جروف William grove .منذ أكثر من 160 عاماً حيث لم يكن يعلم أن اختراعه الذي وضعه في العام 1839م سيحل مشكلة تواجه العالم في القرن الواحد والعشرين لاكتشاف خلايا الوقود التي يمكن عن طريقها الحصول على الكهرباء من الهيدروجين أو الكحول دون أي عملية احتراق، وبذلك يكون قد حل المعادلة الصعبة، وهي الحصول على طاقة نظيفة من غير أن نلوث البيئة وبأقل الأسعار.
والحل يكمن في هذه الخلية الصغيرة التي تدعى خلية الوقود، ولكن نظراً لعدم جدوى استخدامه فيتلك الفترة، ظل هذا الاختراع حبيس الأدراج لأكثر من 130سنة، ولكن عادت خلايا الوقود مرة أخرى للحياة في عقد الستينيات، وذلك عندما طورت شركة ( جنرال إلكتريك General Electric ) خلايا تعمل على توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لإطلاق سفينتي الفضاء الشهيرتين ( أبوللو) و (جيمني)، بالإضافة إلى توفير مياه نقية صالحة للشرب، كانت الخلايا في تلك المركبتين كبيرة الحجم وباهظة التكلفة، لكنها أدت مهامها دون وقوع أي أخطاء، واستطاعت أن توفر تياراً كهربائياً وكذلك مصدراً للمياه النقية الصالحة للشرب.
ما هي خلية الوقود
خلية الوقود هي عبارة عن عنصر يحول الطاقة الكيميائية في الوقود (سواء كان هيدروجينhydrogen , غاز طبيعي natural gas, ميثانول methanol, غازولين gasoline …) وفي المؤكسد (هواء air, اكسجين oxygen ) الى طاقة كهربائية. من حيث المبدأ تعمل خلية الوقود كالمدخرة Battery ،لكن على عكس المدخرة خلية الوقود لا تفرغ ولا تحتاج شحن ،وتولد طاقة كهربائية وحرارية طالما هي مغذاة بالوقود والمادة المؤكسدة.
كلا خلايا الوقود والمدخرات هي عناصر كهروكيميائية, وكلاهما يحتويان على مسرى (قطب) موجب ومسرى سالب ومادة موصلة متأينة (مشردة ion-conducting) تدعى الوسيط electrolyte. تصنف خلايا الوقود حسب الوسيط الذي تحتويه غالباً.حيث تولد العناصر الكهروكيميائية فيها الكهرباء بدون احتراق الوقود أو المؤكسد oxidizer كما يحدث بالطرق التقليدية لتوليد الكهرباء.
بنية خلية الوقود عادة مكونة من قطب وقود (مسرى موجب)(fuel electrode (anode وقطب التأكسد (مسرى سالب) (oxidant electrode (cathode مفصولين بغشاء تبادل بروتوني ion-conducting membrane. يمر الأكسجين على احد الأقطاب ويمر الهيدروجين على المسرى الآخر مولدين كهرباء وماء وحرارة. تدمج خلايا الوقود بين جزيئات الوقود والمؤكسد بدون حرق أو توليد تلوث كما في نظم التوليد غير الكفوءة والملوثة التي تستخدم تقنية الحرق التقليدي .
الوقود المستخدم لخلية الوقود
الهيدروجين هو الوقود المستخدم حاليا في خلايا الوقود. بعض الغازات مثل النيتروجين Nitrogen من الهواء له تأثير طفيف على أداء خلية الوقود .الغازات الأخرى مثل أول أكسيد الكربون CO والميتان CH4 لها تأثير مختلف على خلايا الوقود حسب نوع الخلية. مثلاً أول أكسيد الكربون CO يعتبر ضار وملوث لخلايا الوقود ذات درجة الحرارة المنخفضة نسبياً مثل خلية الوقود ذات غشاء التبادل البروتوني the Proton Exchange Membrane Fuel Cell (PEMFC) من جهة أخرى أول أكسيد الكربون يمكن أن يستخدم كوقود مباشر لخلايا الوقود ذات درجة الحرارة العالية مثل خلية الوقود ذات الوسيط الصلب the Solid Oxide Fuel Cell (SOFC) كل خلية وقود بوسيطها الخاص ومحفزها تستقبل غازات معينة لتكون كوقود لها أو ملوثات تؤثر سلبا على أداء الخلية. لذا نظام تغذية الغاز لابد أن يكون مناسب وخاص لنوع خلية الوقود.
تشكيل الوقود
تعمل خلايا الوقود ذات درجة الحرارة المنخفضة (200ºC, 390 ºF>h) على غاز الهيدروجين كوقود. في الوقت الحاضر لايوجد مصدر متوفر وسهل للحصول على الهيدروجين بكميات كبيرة وبوقت قصير وأمان عالي. هناك طريقتين لحل هذه المشكلة، على المدى القصير يمكن استخدام الوقود التقليدي لتوليد الهيدروجين المطلوب. تحويل الوقود التقليدي لهيدروجين يدعى بإعادة تشكيل الوقود (fuel reforming) ،إعادة تشكيل البخار هو مثال حيث يخلط البخار مع الوقود التقليدي fossil fuel بدرجة حرارة تقريبية 760ºC. الصيغة الكيميائية لعملية إعادة التشكيل للهيدروجين من الغاز الطبيعي المكون غالبا من الميثان (CH4) معطاه بالمعادلة التالية :
CH4 + 2 H2O —–> CO2 + 4 H2
يكون أول أكسيد الكربون في خلايا الوقود ذات درجة الحرارة العالية (MCFC and SOFC ) هو الوقود المستخدم، من جهة أخرى يمكن حسب التفاعل التالي ان يتفاعل غاز أول أكسيد الكربون مع الماء مكونا الهيدروجين ليكون هو الوقود الحقيقي لخلية الوقود .
CO + H2O —–> CO2 + H2
يمكن أن يحدث تشكيل الوقود بكميات وموازين مختلفة أي من الممكن أن يتم تشكيل الوقود بكميات هائلة في المصانع الكيميائية الكبيرة ،نتيجة هذا التفاعل يمكن أن يتشكل الهيدروجين إما بحالته الغازية النقية أو كمائع ثم يوزع على المستهلكين .
يمكن ايضا ان يتم انتاج وتشكيل الوقود بكميات متوسطة كما في محطات الغازولين (gasoline station)في هذه الحالة يتم تنقية الديزل والغازولين وتسلم للبنى التحتية للمحطة ,ثم تتم معالجة الوقود الأحفوري للحصول على خليط أساسه غاز الهيدروجين لكنه قد يحوي بعض الجزيئات الأخرى مثل تاني اكسيد الكربون CO2 والنيتروجين N2. تعتمد درجة نقاء غاز الهيدروجين على التطوير المستمر لتقنيات فصل الهيدروجين عن الغازات الأخرى بطريقة اقتصادية. يتم تسليم غاز الهيدروجين للمستهلك في هذه الحالة غالبا كغاز مضغوط .
من مميزات عملية إعادة تشكيل الوقود انه يمكن أن تتم بكميات صغيرة حيث يتم تغذية خلية وقود بشكل مباشر من الوقود المتولد حسب حاجتها بدون الحاجة إلى نظام تخزين كما هي الحال في المركبات التي تمل على خلايا الوقود , حيث أنه يمكن ن يحمل السائق معه خزان غازولين (بنزين) وجهاز تحليل صغير على متن مركبته بحيث يمكنه أن يحصل على الهيدروجين الكافي لتشغيل خلية الوقود عن طريق معالجة الغازولين وتغذية الخلية مباشرة .لكن لابد من الأخذ بعين الاعتبار انه من غير العملي أو الاقتصادي العمل على تنقية غاز الهيدروجين الناتج من الغازات الأخرى التي قد تكون مخلوطة معه .
مستقبلاً, يمكن التحول لتوليد غاز الهيدروجين من مصادر متجددة حصراً, كطاقة الشمس أو طاقة الرياح. حيث تستخدم الطاقة الناتجة من مزرعة ريحية مثلاً لتحليل الماء إلى هيدروجين وأكسجين نقي ويمكن نقل الغاز الناتج إلى المستهلك (End-users) عبر أنابيب وبنى تحتية خاصة.لازالت طريقة إنتاج غاز الهيدروجين عن طريق المصادر المتجددة قيد البحث والدراسة ويتم تطويرها يوميا في العديد من مراكز البحث العلمي لأن كفاءة هذه الطريقة الاقتصادية عالية وإمكانية الإنتاج واعدة.
وظيفة خلية الوقود
تولّد خلايا الوقود الكهرباء عن طريق تفاعل كهروكيميائي بسيط بين مؤكسد (الاكسجين من الهواء مثلاً) و وقود ( الهيدروجين) يتفاعلان ليكونا الماء في خلية الوقود المثالية. لتوليد الكهرباء يمر الاكسجين دائماً على القطب(المسرى) السالب (cathode) لخلية الوقود, ويمر الهيدروجين على القطب الموجب (anode). نواتج التفاعل الثانوية هي الماء والحرارة. خلية الوقود لا تحتوي على اجزاء متحركة مما يجعلها مصدر هادئ وموثوق للطاقة.
الوسيط (The electrolyte) الذي يفصل بين القطب الموجب والقطب السالب هو مادة ناقلة للأيونات. عند القطب الموجب يتم فصل الهيدروجين عن الكتروناته حيث تعبر أيونات الهيدروجين (البروتونات) من خلال الوسيط , أما الالكترونات فتسري عبر دارة كهربائية خارجية كتيار مستمر (Direct Current (DC يمكن أن يغذي أجهزة كهربائية. في القطب السالب تندمج أيونات الهيدروجين مع الأكسجين وأيضاً يعاد اندماجها مع الالكترونات لتكون الماء . التفاعلات الجارية موضحة بالمعادلات الكيميائية التالية .
التفاعلات عند المسرى الموجب Anode Reaction: 2H2 —–> 4H+ + 4e–
التفاعلات عند المسرى السالب Cathode Reaction: O2 + 4H+ + 4e– —–> 2H2O
التفاعل الكلي Overall Cell Reaction: 2H2 + O2 —–> 2H2O
خلايا الوقود الفردية يمكن ان تجمع لتكون مكدس “stack” .عدد خلايا الوقود في هذا المكدس هو الذي يحدد التوتر الناتج , ومساحة كل خلية هي التي تحدد التيار الكلي الناتج . جداء التيار بالتوتر الناتج يعطي كمية الطاقة الكهربائية الكلية المولدة حسب العلاقة.
Power (Watts) = Voltage (Volts) ×Current (Amps)
تلوث خلية الوقود
خلايا الوقود عرضة لما يسمى بتلوث خلية الوقود ,أي ان خلية الوقود قد تتأثر سلباً بالعديد من المواد والجزيئات المختلفة بصورة متفاوته حسب نوع الخلية ونوع المادة الدخيلة عليها . قد تتلوث خلايا الوقود بسبب عملها لفترات طويلة وتردي أداءها مما يؤدي إلى تغير كيميائية الوسيط فيها ,أو بسبب درجة حرارة العمل الغير نظامية ,أو بسبب المحفز أو أي من العوامل الأخرى .
الملوث الرئيسي لخلايا الوقود هو مركبات الكبريت مثل كبريتات الهيدروجين (hydrogen sulfide (H2S وكربونات الكبريت ( carbonyl sulfide (COS . مركبات الكبريت موجودة في الوقود التقليدي بشكل طبيعي ويبقى كميات منها بعد معالجة الوقود المستخرج ويجب أن تزال بالكامل قبل دخول خلية الوقود.
مقارنة خلايا الوقود و المصادر التقليدية للطاقة
في الطرق التقليدية لتوليد الكهرباء يتم حرق الوقود والهواء ليولّدا غازات ذات درجة حرارة عالية ،ففي حال محطة طاقة تستخدم الفحم كوقود ,الحرارة المحتواة في غاز الاحتراق تنقل لمائع (ماء) ذو ضغط عالي ليقوم بغليه. في حال كانت المحطة تستخدم غازولين أو وديزل أو عنفة غازية فالغاز الساخن نفسه يكون ذو ضغط عالي. البخار المضغوط أو الغاز الساخن يدخل في آلة ميكانيكية مثلاً عنفة (turbine) وتدير بذلك مولد كهربائي.
في خلية الوقود تحدث نفس التفاعلات الكيميائية الأساسية لكنها تولد الكهرباء مباشر كعنصر كهروكيميائي وبالتالي لا تدخل مرحلة وجود غاز بدرجة حرارة عالية كما هو الحال في الحرق الطبيعي، هذا التحويل المباشر للطاقة الكيميائية الى طاقة كهربائية أكثر كفاءة ولا يسبب تلوث ملحوظ مقارنة مع طرق التوليد التي تعتمد على الحرق التقليدية.