إدارة الطاقة هي مصطلح يحمل العديد من المعاني, ولكن بالنسبة لنا ككهربائيين فإن المعنى لهذا المصطلح مرتبط بـ حفظ الطاقة وتوفيرها في مجال الأعمال, القطاعات العامة, والمنازل.
1- معنى حفظ الطاقة:
عندما يتعلق الأمر بـ حفظ الطاقة, فإن إدارة الطاقة هي عملية مراقبة وإدارة وحفظ الطاقة في المباني والمؤسسات. وهذا يتوجب الخطوات التالية:
1- مراقبة وقياس استهلاك الطاقة وجمع المعلومات.
2- إيجاد الطرق من اجل حفظ الطاقة وتقدير كم من الطاقة يمكنا أن توفرها كل طريقة. وذلك بواسطة التحليل المنهجي للقيم المقاسة من أجل إيجاد وتحديد مصادر الهدر اليومي وبنفس الوقت حسب كمية الوفر في الطاقة عند استخدام الطرق البديلة “كتغير المعدات المستخدمة مثل مصابيح الإضاءة أو تحديث العزل للأبنية“.
3- اتخاذ الإجراءات المناسبة لتوفير الطاقة: كالبدء باستبدال المصابيح القديمة بمصابيح موفرة للطاقة حيث يتم البدء بأفضل طريقة.
4- متابعة التقدم الحاصل في حفظ الطاقة عن طريق تحليل معلومات القياس من أجل معرفة مدى فعالية الطريقة المستخدمة. “وبعدها العودة للخطوة 1و2″.
إن العديد من الناس تستعمل “إدارة الطاقة” من أجل الإشارة للجهود المبذولة والتي تركز على تحسين الاستفادة من الأبنية والتجهيزات الموجودة مسبقاُ. ويمكن القول بصراحة أن هذا المعنى يحد الأمور حيث أن المفاهيم السلوكية لتوفير الطاقة كتشجيع الناس على استهلاك طاقة أقل عن طريق رفع الوعي لديهم أو استعمال معدات تحكم رخيصة مثل مبدلات الوقت غالباً متضمن في التعريف أيضاً.
عملية الخطوات الأربعة السابقة يمكن تطبيقها على كل الطريقتين: سواء أردنا أن نتخذ إجراءات توفير طاقة تتضمن شراء معدات جديدة أو تطوير المعدات القديمة.
2- إدارة الطاقة المنزلية:
على الرغم من أن إدارة الطاقة كانت معروفة على فترة طويلة من الزمن في الأبنية الكبيرة, إلا أنها بدأت مؤخراً في التطبيق على المستوى المنزلي. معظم أصحاب البيوت ليسوا على دراية أصلاً بهذا المصطلح ويتبعون إجراءات عشوائية وغير مدروسة من أجل تخفيض استهلاك الطاقة.
ولكن المراقبة والأساليب المتبعة من قبل إداريين الطاقة المحترفين هي على نفس الفعالية عند استخدامها في الأبنية الصغيرة.
لذا واذا كنت صاحب منزل يريد ترشيد استهلاك الطاقة لا تدع الحديث الوارد بهذا المقال يحبط من هذه الفكرة لمجرد أنه يتحدث عن ترشيد الطاقة في الأبنية الكبيرة.معظم المبادئ التي تطبق على الأبنية الكبيرة سواءً المنظمات التجارية أو منظمات أخرى يمكن تطبيقها على المنازل. وبالتأكيد فإن المبادئ الأربعة المذكورة أعلاه والمشروح في تتمة المقال يمكن تطبيقها على الصعيد المنزلي.
3-أهمية أدارة الطاقة:
تأتي ضرورة حفظ الطاقة من الازمة العاليمة لتزايد الطلب على الطاقة مع أزدياد سكان الكوكب , هذه الحاجة العالمية تأثر على أسعار الطاقة عالمياً وعلى الإنبعاثات الناتجة من توليد الطاقة والتشريعات المرتبطة بها وكل هذه الأمور تؤدي إلى أسباب ملزمة تطلب منك ترشيد الطاقة في منزلك أو في مؤسستك.
اذا لم يكن الكوكب بأزمة عالمية فلربما لم يتواجد مصطلح اسمه إدارة الطاقة. فإننا نحتاج لحفظ الطاقة من أجل تقليل الضرر الذي نتسببه لكوكبنا. وللتقليل من الاعتماد على الوقود الأحفوري والذي يستمر بالانخفاض وهو بالأصل محدود الكمية.
4- التقليل والتحكم باستهلاك الطاقة في مؤسسة ما:
إدارة الطاقة هي الأساليب المستخدمة من أجل إدارة الطاقة وتقليل استهلاكها في المؤسسة وهو أمرُ مهم لأنه يساعدنا على :
1- تقليل التكاليف: وهو أمرٌ مهم بسبب تزايد ارتفاع أسعار الطاقة بشكل كبير ومستمر.
2- التقليل من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون: وبالتالي التخفيف من الاضرار الصحية وأضرارها على البيئة بالاضافة لتقليل الضرائب المفروضة على انبعاثات ثاني اكسيد الكربون.
3- تقليل المخاطر: الاستهلاك المتزايد للطاقة يؤدي إلى أرتفاع أكبر بالأسعار أو تقليل من موارد الطاقة مما يؤثر على عمل المؤسسة وبالتالي تقليل الربحية أو حتى افلاسها.
لذا يجب أن يكون لدينا أهداف تقلل استهلاك الطاقة بشكل كبير وعلينا اتخاذها في نقطة ما من المستقبل القريب. والفهم لمعنى إدارة الطاقة سوف يكون السلاح الفعال الذي سيمكننا من الحصول على الأهداف المرجوة.
5- ما هي الطريقة الأفضل لإدارة استهلاك الطاقة:
أعلاه تم تعداد الخطوات الأربعة الرئيسية لتخفف استهلاك الطاقة وفيما يلي سوف يتم مناقشة كل من هذه الطرق على حدى:
1- قياس استهلاك الطاقة وجمع المعلومات:
كقاعدة أساسية: كلما كانت البيانات التي تم الحصول عليها وجمعها أكثر و ذات تفصيل أكبر كلما كانت أفضل. الطريقة القديمة في جمع المعلومات كانت تتم عن طريق قراءة المقاييس مرة كل أسبوع أو حتى مرة كل شهر. وهذا يعتبر عمل روتيني بالاضافة إلى أن القراءات التي تتم مرة في الأسبوع أو مرة في الشهر ليست بجودة البيانات التي يتم الحصول عليها بسرعة وبالوقت الحقيقي بطريقة أوتماتيكية عن طريق استخدام الطرق الحديثة.
الطريقة الحديثة في قياس وجمع المعلومات عن طريق تركيب المقاييس الرقمية والتي تقوم بقراءة القياسات بشكل آلي وتسجيل قيم استهلاك الطاقة بشكل متزامن وبفواصل زمنية قليلة “مثلاً كل 15 دقيقة أو كل نصف ساعة“.
بيانات الطاقة المأخوذة بشكل منتظم متقطع تمكن من اكتشاف نمط ضياعات الطاقة والتي يستحيل اكتشافها بالطرق الاخرى لتحصيل البيانات.على سبيل المثال لا يوجد هناك أي طريقة تمكن القراءات الشهرية أو الأسبوعية أن تظهر كم من الطاقة قد تم استهلاكها في اوقات مختلفة من النهار أو أيام مختلفة من الأسبوع. ورؤية هذه الأنماط تسهل عملية إكتشاف ضياعات الطاقة الروتينية في المنشأة.
2- إيجاد وتحديد الطرق لحفظ الطاقة:
البيانات المقاسة بالتفصيل والتي يتم جمعها هي بغاية الأهمية من أجل المساعدة على إيجاد وتحديد الطرق الأمثل من أجل خفض استهلاك الطاقة. الطرق الأقل كلفة والأكثر فعالية تحاج القليل أو قد لا تحتاج رأس مال.
على سبيل المثال لدينا مجموعة كبيرة من الأبنية والتي تملك نظام تحكم متقدم والذي يمكنه التحكم بالتدفئة, التهوية, وتكيف الهواء بشكل جيد. ولكن والمجهول بالنسبة طاقم إدارة هذه المنشأت هو بعض الأخطاء أو سوء الإدارة الذي قد يسبب هدر كبير بالطاقة بدون علم كتدفئة أو تكيف مبنى فارغ كل ليلة وفي كل عطلة نهاية اسبوع.
ومن أبسط الطرق للحفظ كمية من الطاقة هي تشجيع طاقم الإدارة على إطفاء التجهيزات في نهاية كل يوم عمل.
الاطلاع على بيانات مفصلة ومأخوذة بشكل منتظم هي الطريقة المثالية لإيجاد الضياعات الروتينية في الطاقة. يمكن التحقق من أن طاقم العمل أو تركيب مؤقتات تقوم بإطفاء التجهيزات بشكل تلقائي من دون الحاجة لإرسال دوريات تحقق ليلاً ونهاراً وبالقليل من التكلفة يمكن الحد من الهدر بشكل كبير.
وباستخدام المعلومات المفصلة, فإنه من السهل إجراء تقديرات عن كمية الطاقة التي تهدر بأوقات مختلفة. على سبيل المثال, اذا تم اكتشاف أن كمية كبيرة من الطاقة يتم هدرها في عطلة نهاية الأسبوع بسبب تجهيزة من التجهيزات يمكن عندها عمل ما يلي:
1- حساب كمية الطاقة التي يتم استهلاكها في عطلة نهاية الاسبوع مقدرة بالـ كيلو وات ساعي.
2- تقدير الجزء الضائع من هذه الطاقة “من قبل التجهيزة التي يمكن إطفائها“.
3- استخدام المنحنيات البيانية الناتجة لدينا من أجل حساب كمية الطاقة الكلية الضائعة كل عطلة نهاية أسبوع مقدرة بـ الكيلو وات الساعي.
وبأسلوب أخر وفي حال عدم التمكن من معرفة كمية الطاقة الضائعة من الطاقة الكلية بواسطة تجهيزة من التجهيزات التي يتم تركها تعمل بشكل غير ضروري يمكن اللجوء إلى:
1- التنقل في المنشأة في أحد الليالي والتأكد من أن كل شي يجب أن يكون مطفئ هو مطفئ.
2- العودة من خلال البيانات إلى تلك الليلة لمعرفة كم كيلو وات تم استهلاكه بعد أن تم إطفاء كل شيء يجب اطفائه.
3- طرح كمية الكيلو وات التي تم استهلاكها في تلك الليلة من كمية الكيلو واتت التي يتم استهلاكها في الليالي العادية من أجل تقدير كمية الطاقة التي تم توفيرها.
4- ضرب هذه الكمية من الوفر بعدد الساعات على مدار عطلة نهاية الأسبوع من أجل الحصول على كمية الكيلو وات التي تم توفيها خلال عطلة نهاية الأسبوع.
أيضاً فإن أغلب الأبنية تملك العديد من الخيارات أو السيناريوهات فيما يتعلق بـ توفير وحفظ الطاقة. وأغلب هذه الخيارات تحتاج إلى استثمار مالي. أغلب هذه الخيارات نحن على علم بها مثل تحديث العازلية أو تبديل مصابيح الإضاءة.
على الرغم من أن البيانات المفصلة التي تم الحصول عليها ليس من الضروري أن تساعد على إيجاد هذه الطرق أو الأساليب “أي لا تساعد في معرفة النوع الأكثر كفاءةً من مصابيح الإضاءة الموجودة في الأسواق” لكنها سوف تكون مفيدة في المساعدة في تقدير كمية التوفير في الطاقة التي يمكننا الحصول عليها من قبل كل وسيلة من الوسائل. إن الاعتماد على البيانات المأخوذة بشكل دوري هو أكثر موثوقية من الاعتماد على القيم التقديرية لوحدها. ومن المهم بشكل كبير تحديد كمية الوفر المتوقعة عند استخدام أي طريقة من الطرق التي نريد أن ننفق الكثير من الوقت والمال في تطبيقها. وهي الطريقة الوحيدة التي تمكننا من اكتشاف أي الطرق الأكثر كفاءة.
3- اتخاذ الإجراءات المناسبة لتوفير الطاقة:
إيجاد الطريق الأمثل لحفظ الطاقة لن تساعد على حفظ الطاقة إذا لم تنفذ وبقيت دراسات على الورق لذا يجب علينا القيام بالخطوات المناسبة أيضاً لتنفيذ هذه الطرق التي تم دراستها.
بالنسبة للطرق التي تحتاج إلى تشجيع الناس في المنشأة عن طريق رفع مستوى إدراكهم, فهي تعد من الأمور الصعبة ولكن في حال تمكننا من اقناع الناس بالمنشأة بأهمية حفظ الطاقة, عندها يمكننا الحصول على كمية وفر كبيرة بالطاقة من دون الحاجة للجوء إلى الاستثمار بأي مجال عدا الوقت.
أما بالنسبة لطرق حفظ الطاقة التي تحتاج إلى تحديث التجهيزات أو العازلية, وذلك بافتراض أنه تم تحديد هذه التجهيزات فالمطلوب فقط التأكد من تحقيق الوفر المطلوب.
4- متابعة التقدم الحاصل في حفظ الطاقة عن طريق تحليل معلومات القياس من أجل معرفة مدى فعالية الطريقة المستخدمة:
بعد أن قمنا بإتخاذ الخطوات من أجل حفظ الطاقة. فإنه من المهم اكتشاف مدى فعالية الطريقة المتبعة:
1- يجب متابعة وفر الطاقة الناتج من خلال تغيرات سلوكية “كدفع الناس إلى إطفاء أجهزة الحاسوب لديهم قبل الخروج من المكتب إلى المنزل” والتحقق من العملية بشكل دائم من أجل التأكد من فعاليته وتحقيق الغاية العظمى المرجوة منه.
2- في حال قمنا بإستثمار رأس مال بشراء تجهيزات جديدة فإننا على الغالب نريد أن نتحقق من الوصول إلى الوفر في الطاقة الذي تنبأنا به.
3- في حالة تصحيح أخطاء المؤقتات أو إعدادات أجهزة التحكم فإنه يجب علينا العودة والتحقق من أن كل شيء لا يزال يعمل كما يجب, أشياء بسيطة مثل انقطاع الكهرباء يمكن أن تعيد المؤقتات إلى إعدادات المصنع وفي حال عدم الانتباه على أنماط استهلاك الطاقة يمكن بسهولة أن نقع في مثل هذه المشاكل دون الانتباه لها.
4- إذا كنا ننوي أعطاء أهداف لحفظ الطاقة فيجب إعطاء دليل على الوصل إلى هذه الأهداف, أو على الأقل البدء في التوجه لهذه الأهداف في حال عدم الوصول إليها.
يتوجب علينا إثبات أن التحسن ليس مصطنعاً بل مثبت بالأرقام وقابل للقياس في حال أننا نحاول أن نقع إحدى الجهات في الاستثمار في مشروع توفير الطاقة.
6- ادارة استهلاك الطاقة بشكلٍ كفوء هو عملية دورية :
من الواجب الاستمرار في تحليل نتائج استهلاك الطاقة بشكل دوري من أجل التحقق من أن الأمور لا تسوء أكثر. فمن الطبيعي لبعض الأبنية الغير المراقبة أن تصبح أقل كفاءة بأستهلاك الطاقة مع مرور الزمن. وإنه من المتوقع أن التجهيزات في النهاية سوف تنهار أو تصبح أقل فعالية وأن الناس سوف تنسى العادات الجيدة التي تم العمل على تشجيعهم لتنفيذها في الماضي.
لذلك يجب أخذ نظرة سريعة على بيانات الطاقة مرة في الأسبوع أو مرة في الشهر على الأقل من أجل التأكد من عدم حصول أي شيء خاطئ. إنه لحقاً من المخزي أن بعض الأشياء البسيطة مثل إعادة ضبط الإعدادات الخاطئة للمؤقتات تبقى غير ملاحظة للعديد من الأشهر وبالتالي الحصول على فاتورة كهرباء كبيرة والتي كان من الممكن تجنبها.
إن عملية إدارة الطاقة هي عبارة عن جهد مستمر من أجل إيجاد الطرق الأفضل للوصل إلى الهدف, والبدء في تنفيذ هذه الطرق “كما في الخطوة 2 و 3″ومتابعة عملية التقدم الحاصل في حفظ الطاقة “كما في الخطوة 4″. إن إدارة استهلاك الطاقة لا يحتاج إلى وقت طويل لكن يحتاج إلى متابعة مستمرة فيمكن الحصول على نتائج أفضل في حال جعل إدارة الطاقة جزءً من الروتين اليومي.
7- المراجع:
http://www.energylens.com/articles/energy-management
اخي الكريم صاحب الموضوع .
انا مهتم بموضوع ادارة الطاقه جدا .. و ارغب في ان يكون هذا الموضوع هو مهنتي المستقبلية .. و لكن لا اعرف كيف ابدا او من اين ..
فالرحاء اذا تكرمتم مساعدتي في المةضوع و ارشادي للطريق السليم
و لكم كل الود و التقدير .
د. سامي العتيبي
دكتوراه في الهندسة الكهربائية تخصص قوى كهربائية